بداية فريش

 


في بداية عام 2025، كرّستُ حياتي ووقتي وجهودي للرب كمسيحي. أردت أن أقدّم له أفضل ما لديّ، لكنني لم أصبح الشخص الذي كنت أرجو أن أكونه. كنت أريد أن أكون أفضل، لكنني كثيرًا ما فشلت، وكثيرًا ما أخطأت، ولم أُظهِر للرب صورة العبد الأمين الذي كنت أشتاق أن أكونه.​
إن كان هذا يعبّر عنك، فهذه المقالة موجّهة إليك. و هنا أودّ أن أشاركك بثلاثة أفكار.​

أولًا: الرب يعرف تكويننا

يقول داود:
لِأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ» (مزمور 103: 14)
هذا يبيّن أن الرب خالقنا يعرف تمامًا طبيعتنا البشرية، بضعفها كما بقوّتها.​
هو يعلم أننا لا نزال في الجسد، نعيش في هذا العالم، سنستمر في الصراع مع طبيعتنا العتيقة حتى بعد الإيمان. و«يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ» تشير إلى اليوم الذي سنكون فيه معه في السماء، حين لا نعود تحت سلطان الخطيّة أو التجربة.​
لذلك، لا تدع خيبة الأمل من نفسك تسحقك. ففي المزمور نفسه يقول داود:
«كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا. كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ» (الآيتان 12–13).​
انتبه إلى الجزء الأول: الرب قد أبعد معاصينا عنّا، وهذا هو خلاصنا. أمّا الجزء الثاني فيُظهِر رأفته الدائمة بنا كمؤمنين، كما يترأف الأب المحب على أولاده، وهذا من شأنه أن يعزّي قلوبنا.​
من هنا نتعلّم أن الرب يتعامل معنا كأولاده الأحبّاء، عارفًا تمامًا مَن نكون، ومع ذلك يحتضننا بالنعمة احتضانًا كاملاً.​

ثانيًا: الرب هو الراعي الصالح

يقول يسوع:
أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ» (يوحنا 10: 11)
هذا إعلان قوي، لأنّه في هذا الأصحاح يضع يسوع علاقته بالخراف في مقابل ثلاثة أنواع أخرى من العلاقات.​
أولًا، هناك الغريب. يشرح يسوع:
«أَمَّا الْغَرِيبُ فَلاَ يَتْبَعُونَهُ بَلْ يَهْرُبُونَ مِنْهُ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ صَوْتَ الْغُرَبَاءِ» (الآية 5).
القطيع يرفض غريزيًا أن يثق في صوت لا يعرفه.​
ثانيًا، هناك السارق. يقول يسوع: «لاَ يَأْتِي السَّارِقُ إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ» (الآية 10). لذلك يحذّر سامعيه من اتباع مثل هذا القائد، لأن اتباعه يدمّر حياتهم.​
ثالثًا، هناك الأجير. يشرح يسوع: «أَمَّا الأَجِيرُ فَيَهْرُبُ لأَنَّهُ أَجِيرٌ وَلاَ يُبَالِي بِالْخِرَافِ. فَيَأْتِي الذِّئْبُ وَيَخْطَفُهَا وَيُبَدِّدُ الْخِرَافَ» (الآية 12). الأجير لا يملك أي التزام حقيقي نحو الخراف، ولن يعرّض نفسه للخطر من أجلها.​
في المقابل، لا الغريب ولا السارق ولا الأجير لديهم شفقة حقيقية على القطيع، لكن يسوع يقول: «أَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ» (الآية 15). وهذا بالضبط ما فعله على الصليب.​
من هذا نتعلّم أننا في يدي إله أمين، ذاك الذي بذل نفسه لأجلنا ونحن بعد خطاة. ورعايته لنا تثبت أن المؤمنين في أمان حقيقي معه.​

ثالثًا: الرب يعطي رجاء رغم إخفاقاتُنا المستمرة

تقول النص الكتابي:
لأَنَّ الصِّدِّيقَ يَسْقُطُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَقُومُ» (أمثال 24: 16)

في الكتاب المقدس يشير رقم سبعة كثيرًا إلى الكمال، فالصورة هنا عن إنسان بار قد يسقط في الخطيّة مرّات عديدة، لكنه لا يبقى ساقطًا.​
يجب أن يقوم من جديد، لا بقوّته هو، بل بقوّة الرب يسوع المسيح. هذه الحقيقة تُبقي المؤمنين واقفين على الصخر الراسخ، صخر محبة الله، مهما تكرّرت عثراتهم وفشلت أداؤهم.​
لذلك، من خلال وعود الرب ومحبته الأبوية، لدينا كل الرجاء الذي نحتاجه لنبدأ من جديد، بداية جديدة، في أي وقت. لا تدع الشيطان يثقل كاهلك بالتركيز على أعمالك و يخفس عنك محبة الله و فداؤه، بل تذكّر محبة الله الثابتة، غير المشروطة، الأبدية لك.​



Comments

Popular Posts